فصل: سنة أربعين وخمس مئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة أربع وثلاثين وخمس مئة:

فيها حاصر دمشق زنكي.
وفيها توفي أبو الفضل محمد بن إسماعيل الفضيلي الهروي العدل، روى عن أبي المليحي ومحلّم الضّبي. توفي في صفر.
ومحمد بن بوري بن طغتكين صاحب دمشق جمال الدين، كان ظالماً سيء السيرة. ولي دمشق عشرة أشهر. ومات في شعبان. وأقيم بعده ابنه أبق، صبيٌ مراهق.
ويحيى بن علي بن عبد العزيز القاضي الزكيّ، أبو الفضل القرشيّ الدمشقي قاضي دمشق وأبو قضاتها سمع من عبد العزيز الكتاني وطائفة، ولزم الفقيه نصر المقدسي مدّة. توفي في ربيع الأول.
ويحيى بن بطريق الطرسوسيّ ثم الدمشقي. روى عن أبي بكر الخطيب وأبي الحسين محمد بن مكي، توفي في رمضان.

.سنة خمس وثلاثين وخمس مئة:

فيها ألحّ زنكي على دمشق بالحصار، وخرّب قرى المرج، وعاث بحوران، ثم التقاه عسكر دمشق وقتل جماعة، ثم ترحل إلى الشرق.
وفيها توفي إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ الكبير، قوام السنة أبو القاسم التيمي الطلحيّ الإصبهاني. روى عن أبي عمرو بن منده، وطبقته،
بإصبهان، وأبي نصر الزيني ببغداد، ومحمد بن سهل السرّاج بنيسابور.
ذكره أبو موسى المديني فقال: أبو القاسم إمام أئمة وقته، وأستاذ علماء عصره، وقدوة أهل السنّة في زمانه. أصمت في صفر سنة أربع وثلاثين، ثم فلج بعد مدة، وتوفي بكرة يوم عيد الأضحى سنة خمسٍ. وكان مولده سنة سبع وخمسين وأربع مئة.
وقال ابن السمعاني: هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر. وهو إمامّ في التفسير والحديث واللغة والأدب، عارفٌ بالمتون والأسانيد، وأملى بجامع إصبهان قريباً من ثلاثة آلاف مجلس.
وقال أبو عامر العبدريّ: ما رأيت شاباً ولا شيخاً قطّ مثل إسماعيل التيميّ.
ذاكرته فرأيته حافظاً للحديث عارفاً بكل علم متفنّناً.
وقال أبو موسى: صنّف شيخنا إسماعيل التفسير في ثلاثين مجلّدة كبار، وسماه الجامع. وله الإيضاح في التفسير أربع مجلدات. والموضح في التفسير ثلاث مجلدات. وله المعتمد في التفسير عشر مجلدات. وتفسير بالعجمي عدّة مجلدات، رحمه الله.
ورزين بن معاوية أوب الحسن العبدريّ الأندلسي السرقطسيّ مصنف تجريد الصحاح. روى كتاب البخاري عن ابي مكتوم بن أبي ذرّ، وكتاب مسلم عن الحسين الطبري. وجاور بمكة دهراً. وتوفي في المحرم.
وأبو منصور القزّاز عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيبانيّ البغداديّ، ويعرف بابن زريق. روى عن الخطيب وأبي جعفر بن المسلمة، والكبار. وكان صالحاً كثير الرواية. توفي في شوال عن بضع وثمانين سنة.
وعبد الوهاب بن شاه، أبو الفتوح الشاذياخي النيسابوريّ التاجر. سمع من القشيريّ رسالته من أبي سهل الحفصي صحيح البخاري، ومن طائفة. توفي في شوال.
وأبو الحسن بن توبة محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة الأسديُّ العكبريُّ الشافعي المقرئ. روى عن أبي جعفر بن المسلمة وأبي بكر الخطيب وطائفة. توفي في صفر.
وتوفي أخوه عبد الجبّار بعده بثلاثة أشهر. وروي عن أبي محمد الصريفيني وجماعة. وكان الأصغر.
ومحمد بن عبد الباقي بن محمد، القاضي أبو بكر الأنصاريُّ البغداديّ الحنبليّ. البزّاز، مسند العراق، ويعرف بقاضي المارستان. حضر أبا إسحاق البرمكيّ، وسمع من علي بن عيسى الباقلاني، وأبي محمد الجوهري، وأبي الطّيب الطبري، وطائفة. وتفقّه على القاضي أبي يعلى، وبرع في الحساب والهندسة، وشارك في علومٍ كثيرة، وانتهى إليه علو الإسناد في زمانه. توفي في رجب، وله ثلاث وتسعون سنة وخمسة أ شهر.
قال ابن السمعاني: ما رأيت أجمع للفنون منه، نظر في كلّ علم. وسمعته يقول: تبت من كلّ علمٍ تعلمته إلا الحديث وعلمه.
ويوسف بن أيوب أبو يعقوب الهمذاني الزاهد شيخ الصوفية بمرو، وبقية مشايخ الطريق العاملين. تفقّه على الشيخ أبي إسحاق فأحكم مذهب الشافعي، وبرع في المناظرة، ثم ترك ذلك وأقبل على شأنه. وروى عن الخطيب،
وابن المسلمة، والكبار. وسمع بإصبهان، وبخارى، وسمرقند. ووعظ وخوّف، وانتفع به الخلق. وكان صاحب أحوال وكرامات توفي في ربيع الأوّل عن أربع وتسعين سنة.

.سنة ست وثلاثين وخمس مئة:

فيها كانت ملحمةٌ عظيمةٌ بين السلطان سنجر وبين الترك الكفرة بما وراء النهر أصيب فيها المسلمون، وأفلت سنجر في نفر يسير، بحيث أنه وصل بلخ في ستة أنفس، وأسرت زوجته وبنته. وقتل في جيشه مئة ألف أو أكثر. وقيل إنّه أحصي من القتلى أحد عشر ألف صاحب عمامة، وأربعة آلاف امرأة. وكانت الترك في ثلاث مئة ألف فارس.
وأبو سعد الزوزني أحمد بن محمد الشيخ أبي الحسن علي بن محمود بن ماخوَّة الصوفي. روى عن القاضي أبي يعلى الفرّاء، وأبي جعفر بن المسلمة، والكبار. توفي في شعبان عن سبع وثمانين سنة.
قال ابن ناصر: كان متسمّحاً، فرأيته في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأنا في الجنة.
وأبو العباس بن العريف أحمد بن محمد بن موسى الصِّنهاجي الأندلسي الصوفيّ الزاهد.
قال ابن بشكوال: كان مشاركاً في أشياء من العلم، ذا عناية بالقراءات، وجمع الروايات والطرق وحملتها وكان متناهياً في الفضل والدين منقطعاً إلى الخير. وكان العباد وأهل الزهد يقصدونه ويألفونه.
قلت: لما كثر أتباعه توهّم السلطان وخاف أن يخرج عليه. فطلبه، فأحضر إلى مرّاكش فتوفي في الطريق قبل أن يصل. وقيل: توفي بمرّاكش في صفر، وله ثمان وسبعون سنة. وكان من أهل المريّة.
وإسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث أبو القاسم بن السمرقندي الحافظ ولد بدمشق سنة أربع وخمسين، وسمع بها من الخطيب وعبد الدائم الهلالي، وابن طلاب، والكبار، وببغداد من الصريفيني فمن بعده.
قال أبو العلاء الهمداني: ما أعدل به أحداً من شيوخ العراق. توفي في ذي القعدة.
وعبد الجبّار بن محمد بن أحمد أبو محمد الخواريّ الشافعيُّ المفتي، إمام جامع نيسابور. تفقّه على إمام الحرمين وسمع البيهقيّ والقشيريّ وجماعة.
توفي في شعبان عن إحدى وتسعين سنة.
وابن برّجان، وهو أبو الحكم عبد السّلام بن عبد الرحمان بن أبي الرجال اللخميّ الإفريقيّ ثم الإشبيلي، العارف شيخ الصوفية ومؤلِّف شرح الأسماء الحسنى توفي غريباً بمرّاكش.
قال ابن الأبّار: كان من أهل المعرفة بالقراءات والحديث والتحقق بعلم الكلام والتصوّف، مع الزهد والاجتهاد في العبادة. وقبره بإزاء قبر ابن العريف.
وشرف الإسلام عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج الحنبليّ عبد الواحد ابن محمد الأنصاري الشيرازي، ثم الدمشقي. الفقيه الواعظ شيخ الحنابلة بالشام.
بعد والده ورئيسهم. وهو واقف المدرسة الحنبليّة بدمشق. توفي في صفر، وكان ذا حرمة وحشمة وقبول وجلالة ببلده.
وأبو عبد الله المازري محمد بن علي بن عمر المالكي المحدِّث، مصنف المعلم في شرح مسلم كان من كبار أئمة زمانه. توفي في ربيع الأول وله ثلاث وثمانون سنة.
مازر بفتح الزاي وكسرها بليدة بجزيرة صقلية.
وهبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاوس، أبو محمد البغداديّ، إمام جامع دمشق. ثقة مقرئ محقّق. ختم عليه خلقٌ. وله اعتناء بالحديث. روى عن أبي العبّاس بن قبيس، وأبي عبد الله ابن أبي الحديد، وببغداد من البانياسي وطائفة، وبإصبهان من ابن شكرويه وطائفة وهو آخر أصحاب ابن أبي لقمة.
ويحيى بن عليّ، أبو محمد بن الطرّاح المدبّر. روى عن عبد الصمد بن المأمون وأقرانه. وكان صالحاً ساكناً. توفي في رمضان.

.سنة سبع وثلاثين وخمس مئة:

فيها توفي صاحب ملطية محمد بن الدانشمد، واستولى على مملكته مسعود بن قلج أرسلان صاحب قونية.
والحسين بن علي سبط الخيّاط البغدادي المقرئ أبو عبد الله.
قال ابن السمعاني: شيخٌ صالح ديِّنٌ حسن الإقراء. يأكل من كدّ يده. سمع الصريفيني وابن المأمون والكبار.
وأبو الفتح بن البيضاوي، القاضي عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد، أخو قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي لأمّه. سمع أبا جعفر بن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، وكان متحريّاً في أحكامه. توفي جمادى الأولى ببغداد.
وعليُّ بن يوسف بن تاشفين أمير المسلمين صاحب المغرب. كان يرجع إلى عدلٍ ودينٍ وتعبُّد وحسن طويّة وشدّة إيثار لأهل العلم وتعظيمٍ لهم، وذمٍّ للكلام وأهله. ولما وصلت إليه كتب أبي حامد أمر بإحراقها وشدّد في ذلك، ولكنه كان مستضعفاً مع رؤوس أمرائه، فلذلك ظهرت مناكير وخمور في دولته. فتغافل وعكف على العبادة. وتوثب عليه ابن تومرت، ثم صاحبه عبد المؤمن. توفي في رجب عن إحدى وستين سنة. وتملّك بعده ابنه تاشفين.
وعمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن لقمان النسفي السمرقندي الحنفي الحافظ، ذو الفنون. يقال له مئة مصنّف. روى عن إسماعي بن محمد النوحي فمن بعده، وله أوهام كثيرة.
وكوخان سلطان الترك والخطا الذي هزم المسلمين وفعل الأفاعيل في السنة الماضية، واستولى على سمرقند وغيرها. هلك في رجب ولم يمهله الله. وكان ذا عدل على كفره، تملك بعده بنته مديدةً، وهلكت فولي بعدها أمّها.
ومحمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز، القاضي المنتخب، أبو المعالي القرشيُّ الدمشقيُّ الشافعيُّ قاضي دمشق، وابن قاضيها، القاضي الزكيّ. سمع أبا القاسم بن أبي العلاء وطائفة، وسمع بمصر من الخلعي، وتفقّه على نصر المقدسي وغيره. توفي في ربيع الأول عن سبعين سنة.
ومفلح بن أحمد أبو الفتح الروميّ. ثم البغداديّ الورّاق. سمع من أبي بكر الخطيب والصريفيني وجماعة. توفي في المحرم.

.سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة:

فيها حاصر سنجر مدينة خوارزم. وكاد أن يأخذها خوارزم شاه أتسز وبذل الطاعة.
وفيها توفي أبو المعالي عبد الخالق بن عبد الصمد بن البدن البغدادي الصفّار المقرئ. روى عن ابن المسلمة وعبد الصمد بن المأمون.
وأبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي الحافظ، مفيد بغداد. سمع الصريفيني وطبقته ومن بعده.
قال أبو سعد: حافظٌ متقنٌ كثير السماع واسع الرواية دائم المبشر سريع الدمعة. جمع وخرّج، لعله ما بقي جزء عالٍ أو نازل إلا قرأه وحصّل به نسخةً.
ولم يتزوج قط. توفي في المحرّم وله ست وسبعون سنة.
وعليّ بن طراد بن محمد الوزير الكبير أبو القاسم الزينبي العباسيّ. وزر للمسترشد والمقتفي، وسمع من عمه أبي نصر الزينبي وأبي القاسم بن البسري. وكان صدراً نبيلاً كامل السؤدد، بعيد الغور، دقيق النظر، ذا رأيٍ ودهاءٍ وإقدامٍ. نهض بأعباء بيعة المقتفي وخلع الراشد في نهارٍ واحد. وكان الناس يتعجبّون من ذلك. ولما تغيّر عليه المقتفي وهمّ بالقبض عليه احتمى منه بدار السلطان مسعود، ثم خلص ولزم داره، واشتغل بالعبادة والخير، إلى أن مات في رمضان. وكان يضرب المثل بحسنه في صباه.
وأبو الفتوح الأسفراييني محمد بن الفضل بن محمد، ويعرف أيضاً بابن المعتمد، الواعظ المتكلِّم. روى عن أبي الحسن بن الأخرم المديني. ووعظ ببغداد.
وجعل شعاره إظهار مذهب الأشعريّ، وبالغ في ذلك حتى هاجت فتنةٌ كبيرة بين الحنابلة والأشعرية. فأخرج من بغداد، فغاب مدةً ثم قدم وأخذ يثير الفتنة ويبثّ اعتقاده. ويذمُّ الحنابلة. فأخرج من بغداد وألزم بالإ قامة ببلده. فأدركه الموت ببسطام في ذي الحجة. وكان رأساً في الوعظ، أوحد في مذهب الأشعريّ. له تصانيف في الأصول والتصوف.
قال ابن عساكر: جرأ من رأيته لساناً وجناناً، أسرعهم جواباً، وأسلسهم خطاباً. لازمت حضور مجلسه فما رأيت مثله واعظاً ولا مذكراً.
وقال أبو طالب بن الحديثي القاضي: كنت جالساً فمرّ أبو الفتوح وحوله جمٌّ غفيرٌ وفيهم من يصيح يقول: لا بحرف ولا بصوت بل عبارة. فرجمه العوام، وكان هناك كلبٌ ميتٌ فتراجموا به، وصار من ذاك فتنة كبيرة.
وأبو القاسم الزمخشريّ محمود بن عمر الخوارزميّ النحويّ اللغويّ المفسّر المعتزليّ، صاحب الكشّاف والمفصّل. عاش إحدى وسبعين سنة. وسمع ببغداد من ابن البطر، وصنف عدة تصانيف. وسقطت رجله فكان يمشي في جاون خشب. وكان داعيةً إلى الاعتزال كثير الفضائل.

.سنة تسع وثلاثين وخمس مئة:

فيها حجَّ بالناس من العراق نظر الخادم بعد انقطاع الركب مدة فنهبوا في مكّة.
وفيها أخذ زنكي الرّها من الفرنج.
وفيها توفي أبو البدر الكرخي إبراهيم بن محمد بن منصور. تفرّد بأمالي ابن سمعون عن خديجة الشاهجانيّة، وسمع أيضاً من الخطيب وطائفة.
توفي في ربيع الأوّل.
وتاشفين صاحب المغرب أمير المسلمين ولد علي بن يوسف بن تاشفين المصمودي البربري الملثّم. ولي بعد أبيه سنتين وأشهراً، فكانت دولته في ضعف وسفالٍ وزوال مع وجود عبد المؤمن. فتحصّن بمدينة وهران. فصعد ليلةً في رمضان إلى مزارٍ بظاهر وهران فبيّته أصحاب عبد المؤمن. فلما أيقن الشاب بالهلكة ركض فرسه فتردّى به إلى البحر فتحطّم وتلف، ولم يبق لعبد المؤمن منازعٌ وتوجّه فأخذ تلمسان.
وأبو منصور بن الرزاز سعيد بن محمد بن عمر البغدادي شيخ الشافعيّة ومدرّس النظاميّة. تفقّه على الغزّالي، وأسعد الميهني وإلكيا الهرّاسي، وأبي بكر الشاشي، وأبي سعد المتولّي. وروى عن رزق الله التميمي. توفي في ذي الحجة عن سبع وسبعين سنة.
وأبو الحسن شريح بن محمد شريح الرُّعيني الإشبيلي خطيب إشبيلية ومقرئها ومسندها. روى عن أبيه وأبي عبد الله بن منظور، وأجاز له ابن حزم.
وقرأ القراءات على أبيه، وبرع فيها. رحل الناس إليه من الأقطار للحديث والقراءات. ومات في شهر جمادى الأولى عن تسع وثمانين سنة.
وعلي بن هبة الله بن عبد السلام، أبو الحسن الكاتب البغدادي. سمع الكثير بنفسه، وكتب وجمع، وحدّث عن الصريفيني وابن النقور. توفي في رجب عن ثمانٍ وثمانين سنة.
وأبو البركات عمر عمر بن إبراهيم بن محمد العلويّ الزيدي الكوفي الحنفي النحوي. أجاز له محمد بن علي بن عبد الرحمان العلويّ، وسمع من أبي بكر الخطيب، وخلق. وسكن الشام مدّة، وله مصنّفات في العربية. وكان يقول: أفتي برأي أبي حنيفة ظاهراً، وبمذهب زيد بن عليّ جدّي تديّناً.
وقال أبي النّرسي: كان جاروديّاً لا يرى الغسل من الجنابة.
قلت، وقد اتّهم بالرفض والقدر والتجّهم، توفي في شعبان وله سبع وتسعون سنة. وشيّعه نحو ثلاثين ألفاً، وكان مسند الكوفة.
وفاطمة بنت محمد بن أبي سعد البغدادي أم البهاء الواعظة مسندة إصبهان. روت عن أبي الفضل الرّازي، وسبط بحرويه، وأحمد بن محمود الثقفي.
وسمعت صحيح البخاري من سعيد العيّار. توفيت في رمضان ولها أربعٌ وتسعون سنة.
وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسيّ ثم النيسابوري راوي السنن الكبير عن البيهقي، وراوي البخاري عن العيّار. توفي جمادى الآخرة وله إحدى وتسعون سنة.
وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن أحمد بن خيرون البغدادي المقرئ الدبّاس مصنف المفتاح والموضح في القراءات. أدرك أصحاب أبي الحسن الحمّامي، وسمع الحديث من أبي جعفر بن المسلمة والخطيب والكبار. وتفرّد بإجازة أبي محمد الجوهري. توفي في رجب وله خمس وثمانون سنة.
والمبارك بن عليّ أبو المكارم السمذّي البغدادي سمع الصريفيني وطائفة. ومات يوم عاشوراء.

.سنة أربعين وخمس مئة:

فيها توفي أبو سعد البغدادي الحافظ أحمد بن محمد بن أبي سعد أحمد بن الحسن الإصبهانّي. ولد سنة ثلاث وستين وأربع مئة، وسمع من عبد الرحمن وعبد الوهاب ابني منده وطبقتهما، وببغداد عن عاصم بن الحسن.
قال أبو سعد السمعاني، حافظٌ ديِّن خيّرٌ يحفظ صحيح مسلم. وكان يملي من حفظه.
قلت حجّ مرّات. ومات في ربيع الآخر بنهاوند، ونقل إلى إصبهان.
وأبو بكر عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمان البحيريّ. روى عن القشيريّ وأحمد بن منصور المغربي. توفي في جمادى الأولى عن سبع وثمانين سنة.
وأبو منصور بن الجواليقي موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر البغدادي النحويّ اللغويّ. روى عن أبي القاسم بن البسري وطائفة.
وأخذ الأدب عن أبي زكريا التبريزيّ. وصنّف التصانيف، وانتهى إليه علم اللغة، وأم بالخليفة المقتفي وعلّمه الأدب. وكان غزير العقل متواضعاً مهيباً، عاش أربعاً وسبعين سنة.
وتوفي في المحرّم، ووهم من قال توفي سنة إحدى وأربعين.

.سنة إحدى وأربعين وخمس مئة:

فيها حاصر زنكي قلعة جعبر. فوثب عليه ثلاثةٌ من غلمانه فقتلوه وتملّك الموصل بعده ابنه غازي. وتملّك حلب وغيرها ابنه الآخر نور الدين محمود.
وفيها أخذت الفرنج طرابلس المغرب بالسيف ثم عمروها.
وفيها توفي أبو البركات إسماعيل بن الشيخ أبي سعد أحمد بن محمد النيسابوي ثم البغداديّ شيخ الشيوخ، وله ستٌ وسبعون سنة. روى عن أبي القاسم بن البسري وطائفة. وكان مهيباً جليل القدر وقوراً متصوّفاً.
وحنبل بن علي أبو جعفر البخاري الصوفي رحل وسمع من شيخ الإسلام بهراة، وصحبه، وببغداد من أبي عبد الله النعالي، توفي بهراة في شوّال.
وزنكي الأتابك عماد الدين صاحب الموصل وحلب، ويعرف أبوه بالحاجب قسيم الدولة أقسنقر التركي. ولي شحنكيّة بغداد في آخر دولة المستظهر بالله، ثم نقل إلى الموصل، وسلّم إليه السلطان محمود ولده فرُّخشاه الملقّب بالخفاجي ليربيه، ولهذا قيل له أتابك. وكان فارساً شجاعاً ميمون النقيبة، شديد البأس، قوي المراس، عظيم الهيبة، فيه ظلمٌ وزعارة. ملك الموصل وحلب وحماة وحمص وبعلبك والمعرّة. قتله بعض غلمانه وهو نائهٌ وهربوا إلى قلعة جعبر. ففتح لهم صاحبها عليّ بن مالك العقيليّ. وكان سامحه الله حسن الصورة أسمر مليح العينين قد وخطه الشيب. وجاوز الستين. قتل في ربيع الآخر.
وأبو الحسن سعد الخير بن محمّد بن سهل الأنصاري الأندلسي البلنسيّ المحدّث. رحل إلى المشرق، وسافر في التجارة إلى الصين. وكان فقيهاً عالماً متقناً، سمع أبا عبد الله النعالي، وطرّاد بن محمد وطائفة، وسكن إصبهان مدّة، ثم بغداد، وتفقّه على الغزّالي. توفي في المحرم.
وسبط الخيّاط الإمام أبو محمد عبد الله بن علي البغدادي المقرئ النحويّ، شيخ المقرئين بالعراق، وصاحب التصانيف. ولد سنة أربعٍ وستين وأربع مئة، وسمع من أبي الحسين بن النقور وطائفة. وقرأ القرآن على جدّه الزاهد أبي منصور، والشريف عبد القاهر وطائفة. وبرع في العربيّة على ابن فاخر. وأمّ بمسجد ابن جردة بضعاً وخمسين سنة. وقرأ عليه خلقٌ. وكان من أندى الناس صوتً بالقرآن. توفي في ربيع الآخر. وكان الجمع في جنازته يفوق الإحصاء.
وأبو بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشحّامي أخو زاهر. توفي في جمادى الآخرة، عن ست وثمانين سنة. سمع القشيريّ، وأبا حامد الأزهريّ، ويعقوب الصيرفيّ وطبقتهم، وطائفة بهراة، وببغداد، والحجاز. وأملى مدة.
وكان خيّراً متواضعاً متعبّداً لا كأخيه. وقد تفرّد في عصره.